من كتاب دعوة للتعايش للدكتور عمرو خالد :
البحث عن المساحة المشتركة مع الآخر:
معظم الناجحين في الدنيا يجيدون هذا الفن؛ وهو أن تبحث عن المساحة المشتركة مع الآخر، أتذكرون الدائرتين؟ هذا فكرك وهذه دائرتك، وهذه طريقة تفكير الآخر وآرائه، كلٌّ في جانب.....
يبحث الناجحون عن المشترك بين الدائرتين - حتى إذا رفضوا بقية الفكر- يعملون على نقاط الاتفاق ويقومون بتوسعتها، وتبقى نقاط الاختلاف كما هي.
أعظم من أجاد ذلك في الأئمة الأربعة هو الإمام الشافعي، و انظروا ماذا فعل حين وجد شعراء العصر العباسي يكتبون شعرا ماجنا مليئا بالمعاصي بينما أخذ علماء الدين الموقف العكسي وحرموا شعرهم وكفروا بعض الشعراء، وأمروهم بالشعر الديني فقط، ورد الشعراء بأنهم لا يعرفون الشعر الديني،
ففكر الشافعي في تعديل بسيط لتحويل الحرام إلى حلال، وخلق مساحة مشتركة بديلة للخلاف، وأولها أنه هو نفسه يكتب الشعر لكن لونا جديدا غير موجود على الساحة، وهو الشعر الاجتماعي يتحدث فيه عن (الصديق، والأقارب، والدنيا، والعلاقات، والتعامل) ؛ فيبدأ علماء الدين في تصنيفه كشعر حلال،
ثم بعدها بدأ الشعراء فى اتخاذ هذا الطريق في كتابة الشعر،
و كان الشافعى يقول لهم : إنه الوحيد الحافظ لعشرة آلاف بيت من الشعر، فيذهب الشعراء لتعلم الشعر على يديه، ومنهم الأصمعي الذي كان من كبار الأدباء في عصره،
يقول الأصمعي: كان يعطيني الشعر ومعه الدين، ولو كان الحل تكرار كلمة حرام لكل شئ يفعلونه فلن يسمعوها.
ما أحوجنا لفنون التعايش فى مجتمعاتنا هذه الأيام .